التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"ابن المحظوظة" الذي خطف تأشيرة الخروج !




حسام الدين فكري...
استمتعت للغاية – مثل ملايين المصريين – بمشاهدة هذا الفيلم العربي القديم الذي عرضته علينا قنوات الأخبار بعنوان "اختطاف الطائرة المصرية"..رغم أن لدي ملاحظات عديدة على السيناريو والديكور والإضاءة وزوايا التصوير!..والأهم من هذا كله أن "الحبكة الدرامية" لم تدخل دماغي أساساً..ولا أظنها دخلت دماغ أي عيل في مصر..فلو أردت أن تلعبها صح مع جيل اللابتوب والآي باد، كان عليك أن تستعين بفريق متخصص في "الأنيميشن"..إنما أن تقدم فيلم جرافيك بهذه الطريقة الرديئة جداً..فبصراحة بقى : مايصحش كده !! .
ويقولك إيه : أصل الخاطف كان عايز يقابل طليقته في قبرص !..يعني من قبيل اللمسة العاطفية..وواحد آخر يقول : ده مخطط لضرب السياحة في مصر !..يعني من قبيل النظرة المؤامرتية !..وواحد ثالث قال : من الآخر هو كان هدفه "يهج" من مصر !..وهذا هو الوحيد الذي أصاب كبد الحقيقة ! .
وبالطبع لم أندهش ثانية واحدة عندما وجدت مواقع التواصل الإجتماعي تنفجر بآلاف التعليقات التي تغبط ركاب الطائرة على اختطافهم ووصولهم إلى قبرص..يعني النجاة من الحياة في مصر !..ولم أتعجب من هاشتاج #ياريتني_كنت_معاهم  الذي دشنوه على تويتر وتمنوا من خلاله أن يكونوا مع المخطوفين ليرحلوا عن مصر إلى دولة أوروبية !..لكنني أتعجب للغاية من الذين اندهشوا !..فكل هذا طبيعي تماماً في دولة لا تقدم لشعبها أي شيء..وتطلب من كل مواطنيها أن يقدموا كل شيء..ولو كانت هذه الطائرة المخطوفة سويدية مثلاً وكل ركابها من السويد ثم وصلت إلى قبرص..لنظر المواطن السويدي إلى قبرص على أنها دولة متخلفة لن تستطيع أن توفر له الحياة الكريمة التي يعيشها في بلده..إنما بالنسبة لملايين المصريين الذي يعانون معاناة كاملة في مصر..سوف يكون أي بلد أوروبي يحترم آدمية الإنسان هو جنة الله على الأرض ! .
وبغض النظر عن كم التكهنات التي دارت حول الحادث، وأبرزها أنه جاء لتغطية خروج المستشار هشام جنينة – وهي مسألة واضحة جداً ! – إلا إنني أتوقف أمام هذه "العبقرية" في الأداء..التي جعلت هذا الخاطف ينفذ خطته بكل براعة ويوهم الجميع بأنه يرتدي حزاماً ناسفاً..فقد فاز "ابن المحظوظة" بالغنيمة كاملة!..ولن تستطيع مصر استرجاعه أو حتى التحقيق معه..لأن القانون الأوروبي يعطي الدولة التي يهبط فيها الحق وحدها في استجوابه..ثم إنه قدم طلباً باللجوء السياسي لأي دولة أوروبية..فلو تمت الموافقة عليه لن تطول مصر شعره واحدة منه !! .
ولقد خطر لي سؤال غريب في ذلك اليوم العجيب الذي بدأ صباحاً بخطف الطائرة..وانتهى مساءاً بمباراة مصر ونيجيريا..فالحمد لله أن حادث الطائرة لم يكن له ضحايا ومر بسلام..إنما لو سقط فيه ضحايا من المصريين..هل كان عشاق كرة القدم في مصر سوف يمتنعون عن مشاهدة المباراة ؟..أقولك..أعتقد شخصياً أن شيئاً لم يكن ليتغير..فسوف يتجمع الآلاف برضه على القهاوي لمشاهدة المباراة..ثم يحتفلون بعد ذلك احتفالاً صاخباً بوصول المنتخب إلى كأس الأمم الأفريقية !..فنحن في أم الدنيا..يعني عندنا كل شيء..وهو نفسه مايحدث عندما تسمع صباحاً عن سقوط جنود وضباط من الجيش المصري في سيناء..ثم تحضر مساءاً حفل زفاف صديقك..وترقص على واحدة ونص ! .
يا عزيزي ابتسم..أنت في مصر !! . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زهور المبدعين (1)

(تعليقات السادة المُبدعين..على أعمال حسام الدين) حسام الدين فكري   مُنذ نحو عام، بدأتُ في نشر عدد من القصص القصيرة والقصائد النثرية، في بعض الصفحات الأدبية المتخصصة على الفيسبوك . وكلما نشرت شيئاً منها، كلما تلقيت طائفة من تعليقات السادة المبدعين الأفاضل (الأدباء والشعراء)، من سكان هذه الصفحات الأدبية..ومنها تعليقات غاية في الروعة والجمال، تفيض إطراءاً وثناءاً بلغة أدبية راقية، لم أستطع مقاومة فكرة نسخها والاحتفاظ بها . وأود هنا أن أشرككم معي في تنسم عبير هذه التعليقات ذات الأريج العطر . وسوف تلاحظون أن بعض الأسماء تتكرر أحياناً، وذلك نظراً لتكرار نشر العديد من أعمالي من خلال الصفحات الأدبية ذاتها . والآن إلى هذه المجموعة الأولى من (زهور) السادة المبدعين..وسوف أوالي نشر كل مايستجد منها بإذن الله .        تعليقات على قصيدة (شجرة الإنسان) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     الله الله روعة واكثر يسلم همسك ونبض قلبك ودام حرفك Nagwa Mohamed في (مجلة همس الروح)     بوركت وبورك قلمك ال...

ليل مُعبقّ برائحة الفناء

قصة : حسام الدين فكري قريتنا لا تشبه غيرها من القرى، فالليل فيها له أنياب تسيل منها الحياة، والتوجّس يأكل عظام كل من يسير ليلاً بعد أذان العشاء..خمس ليالٍ متوالية شق فيها قلب السكون صياح النادبات، كل الذاهبين اختطفهم الموت في قلب الليل، لاشيء يربط بينهم إلا التجول تحت أستار الظلام، الموت يترصد في كل زوايا القرية، لم يفلت منه أحد، حتى الذين ساروا معاً في مجموعات، فوجئوا بسقوط أحدهم صريعا من بينهم..يأتي طبيب القرية مهرولاً ثم يجده قد فارق الحياة، فيشخص حالته "هبوط حاد مفاجئ في الدورة الدموية"، نسأله عن السبب فيقول إنها إرادة الله "عمره كده"، ونعم بالله، لكننا لم نفهم شيئاً..فمنهم من كان شابا يافعا في الثلاثين من عمره بالكاد، كانت الصحة تنضح على وجهه وجسده الرياضي، لا يدخن ولايشرب الخمر، فما الذي يجعل شابا كهذا يسقط فجاة بلا حراك؟..يحاول الطبيب أن يبل ريقنا بشيء، فيقول لنا :"ربما تعرّض لإنفعال مفاجيء"، نعود لنسأل صديقه الوحيد الذي كان يرافقه، فيؤكد لنا أنهما كانا يتسامران ويضحكان، لم يغضبه شيء ولم ينفعل لشيء، كانت كلماته الأخيرة مفعمة بحب الحياة، تحدث عن خط...