التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رئيس جمهورية التوكتوك !



حسام الدين فكري...
هل تعتقد أن مصر المحروسة لها رئيس واحد فقط ؟!..تبقى – اسمحلي يعني - مش عارف حاجة..فمصر لها أكثر من 100 مليون رئيس..وكل واحد هو رئيس نفسه..فلا يسمع إلا نفسه..ولا يتحرك إلا على هواه..ولو فكرت في تجميع 20 شخصاً فقط على هدف واحد..فسوف تشعر بمعاناة أي مُدرسة في فصل حضانة ..وسوف تتراجع فوراً عن الفكرة..وتقنع من الغنيمة بالإياب !! .
وهناك أشخاص بالذات في هذا الشعب هم رؤساء بشكل شبه رسمي..وعندك مثلاً أي موظف حكومي شغال على أي شباك أو يجلس على أي مكتب..فهو فخامة رئيس الشباك أو رئيس المكتب !..وهل تستطيع أن تفتح فمك بأي اقتراح أو استفسار في وجود سيادته..شكلك طيب أوي وعلى نياتك..فهو فقط الذي يقول..وأنت تسمع وتقول حاضر ونعم..وتحت أمرك يا فندم..وإلا تبقى تقابلني بقى لو أنجزت مصلحتك..فسوف تدور – يا ولداه – كعب داير على مكاتب الهيئة كلها..ويقولك اطلع عند مدام ميرفت..أو انزل عند أستاذ صلاح..وبعد هذا كله سوف يغني لك النشيد الوطني للروتين الحكومي، الذي تقول كلماته الشهيرة جداً : " فوت علينا بكرة..ياسيد..فوت علينا بكرة " !! .
أما سائق الميكروباص في مصر..فليس رئيس جمهورية فقط..وإنما ملك يجلس على العرش..بينما أنت أقل من العبد..رغم أنك تدفع له أجرته..لكنك تظن – لأنك ابن ناس – أن دفعك للأجرة يجعل لك شيئاً من الحقوق داخل الميكروباص..والحقيقة غير ذلك تماماً..فأنت تسمع مجبراً كل الأغاني الهابطة التي يروق له أن يستمع لها..ولو طلبت منه أن يبطىء من سرعته فسوف ينفض لك !..واللي يحرق دمك أكثر أنه الوحيد الذي من حقه التدخين في الميكروباص..أما أنت فتجلس بأدبك وأخلاقك حتى ولو كنت من المدخنين !..ثم تأتي الرخامة الكبرى عندما تريد أن تنزل..فأنت دائماً تنزل في المنطقة التي يحددها لك..وليست المنطقة التي تريدها أبداً !! .
وسائق التاكسي في مصر شرحه..نفس نوع الكائنات الغريبة التي استوطنت بر مصر من زمان !..فقد كان اختراع التاكسي الأبيض إياه لعنة على جميع المصريين..وغالباً ما يعتبر السائق هذا العداد الموجود لديه مجرد اكسسوار في التاكسي !..فقليلاً ماتجده يعمل أساساً..ويقولك أصله عطلان..فتدرك فوراً أنك سوف تتشاجر معه لما تيجي تنزل !..ثم أنت داخل التاكسي عابر سبيل..فلا تفعل أي شيء إلا بموافقة السيد رئيس جمهورية التاكسي..ولو طلبت مثلا تشغيل المكيف في عز الحر..فلابد أن يصاب بالصمم فلا يسمعك !..وإذا سمعك فسوف يضيف بضعة جنيهات على أجرتك التي سوف تدفعها !! .
أما سائق التوكتوك بقى فهو مولد وحده..كائن صفيق يقود مركبة حقيرة..لكنه رئيس جمهوريتها رغما عنك..وتستطيع أن تتابع دائماً أحدث الأغاني الشعبية المسفة جداً من خلال التوكتوك !..ولو أشعلت سيجارة فسوف يطلب واحدة له !..وغالباً ماينتمي سائق التوكتوك إلى فئة الحشاشين بجدارة..فهو طوال الطريق يتحرك في خط متعرج..خمسات في سبعات !..فيقفز حيناً فوق الرصيف..ويكاد في أحيان أخرى أن يسير تحت التريلات !..لكنه – للأمانة يعني – يوصلك إلى المكان الذي تريده بالضبط..إنما لما تيجي تنزل فلابد أن تختلف معه على الأجرة..فليس لديه عداد أساساً..وماشي على طول بالبركة كده ..ياعزيزي لاتحرق دمك من التفكير في أعاجيب المواصلات في مصر المحروسة..وسلّم لي على المترو!! .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زهور المبدعين (1)

(تعليقات السادة المُبدعين..على أعمال حسام الدين) حسام الدين فكري   مُنذ نحو عام، بدأتُ في نشر عدد من القصص القصيرة والقصائد النثرية، في بعض الصفحات الأدبية المتخصصة على الفيسبوك . وكلما نشرت شيئاً منها، كلما تلقيت طائفة من تعليقات السادة المبدعين الأفاضل (الأدباء والشعراء)، من سكان هذه الصفحات الأدبية..ومنها تعليقات غاية في الروعة والجمال، تفيض إطراءاً وثناءاً بلغة أدبية راقية، لم أستطع مقاومة فكرة نسخها والاحتفاظ بها . وأود هنا أن أشرككم معي في تنسم عبير هذه التعليقات ذات الأريج العطر . وسوف تلاحظون أن بعض الأسماء تتكرر أحياناً، وذلك نظراً لتكرار نشر العديد من أعمالي من خلال الصفحات الأدبية ذاتها . والآن إلى هذه المجموعة الأولى من (زهور) السادة المبدعين..وسوف أوالي نشر كل مايستجد منها بإذن الله .        تعليقات على قصيدة (شجرة الإنسان) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     الله الله روعة واكثر يسلم همسك ونبض قلبك ودام حرفك Nagwa Mohamed في (مجلة همس الروح)     بوركت وبورك قلمك ال...

ليل مُعبقّ برائحة الفناء

قصة : حسام الدين فكري قريتنا لا تشبه غيرها من القرى، فالليل فيها له أنياب تسيل منها الحياة، والتوجّس يأكل عظام كل من يسير ليلاً بعد أذان العشاء..خمس ليالٍ متوالية شق فيها قلب السكون صياح النادبات، كل الذاهبين اختطفهم الموت في قلب الليل، لاشيء يربط بينهم إلا التجول تحت أستار الظلام، الموت يترصد في كل زوايا القرية، لم يفلت منه أحد، حتى الذين ساروا معاً في مجموعات، فوجئوا بسقوط أحدهم صريعا من بينهم..يأتي طبيب القرية مهرولاً ثم يجده قد فارق الحياة، فيشخص حالته "هبوط حاد مفاجئ في الدورة الدموية"، نسأله عن السبب فيقول إنها إرادة الله "عمره كده"، ونعم بالله، لكننا لم نفهم شيئاً..فمنهم من كان شابا يافعا في الثلاثين من عمره بالكاد، كانت الصحة تنضح على وجهه وجسده الرياضي، لا يدخن ولايشرب الخمر، فما الذي يجعل شابا كهذا يسقط فجاة بلا حراك؟..يحاول الطبيب أن يبل ريقنا بشيء، فيقول لنا :"ربما تعرّض لإنفعال مفاجيء"، نعود لنسأل صديقه الوحيد الذي كان يرافقه، فيؤكد لنا أنهما كانا يتسامران ويضحكان، لم يغضبه شيء ولم ينفعل لشيء، كانت كلماته الأخيرة مفعمة بحب الحياة، تحدث عن خط...

"ابن المحظوظة" الذي خطف تأشيرة الخروج !

حسام الدين فكري... استمتعت للغاية – مثل ملايين المصريين – بمشاهدة هذا الفيلم العربي القديم الذي عرضته علينا قنوات الأخبار بعنوان "اختطاف الطائرة المصرية"..رغم أن لدي ملاحظات عديدة على السيناريو والديكور والإضاءة وزوايا التصوير!..والأهم من هذا كله أن "الحبكة الدرامية" لم تدخل دماغي أساساً..ولا أظنها دخلت دماغ أي عيل في مصر..فلو أردت أن تلعبها صح مع جيل اللابتوب والآي باد، كان عليك أن تستعين بفريق متخصص في "الأنيميشن"..إنما أن تقدم فيلم جرافيك بهذه الطريقة الرديئة جداً..فبصراحة بقى : مايصحش كده !! . ويقولك إيه : أصل الخاطف كان عايز يقابل طليقته في قبرص !..يعني من قبيل اللمسة العاطفية..وواحد آخر يقول : ده مخطط لضرب السياحة في مصر !..يعني من قبيل النظرة المؤامرتية !..وواحد ثالث قال : من الآخر هو كان هدفه "يهج" من مصر !..وهذا هو الوحيد الذي أصاب كبد الحقيقة ! . وبالطبع لم أندهش ثانية واحدة عندما وجدت مواقع التواصل الإجتماعي تنفجر بآلاف التعليقات التي تغبط ركاب الطائرة على اختطافهم ووصولهم إلى قبرص..يعني النجاة من الحياة في مصر !..ولم أ...