التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في أروقة الصحافة..وتحت أضواء الفنون ! (1)

مسيرة صحفية يسردها : حسام الدين فكري...
عشرون عاماً أو أكثر وأنا أدور في فلك نجوم الفن..أتحرى أخبارهم وأطاردهم في كل مكان..وأسير كالمنوم مغناطيسياً في صحبتهم من مهرجان إلى مهرجان ! .
فعندما قررت أن أدخل عالم الصحافة اخترت باب الفن..ولم يجذبني أي باب آخر..فقد كنت من صغري أتطلع إلى النجوم في الأفلام والمسلسلات، وأتمنى أن أقابلهم وأعرفهم عن قرب..فلما بدأت مشوار الصحافة وأنا بعد في الجامعة..قررت أن أكون معهم وحولهم..حتى أحقق حلمي في أن أرى كلاً منهم كما هو في حقيقته..كما هو في ثوبه الشخصي..لا كما يراه المشاهدون في أفلامه، مرتدياً أثواب الشخصيات التي يلعبها..وكثيراً ماوجدت من بينهم من يظهر ضاحكاً في أفلامه، وهو في حقيقته من أسخف الناس !..ومنهم أيضاً من تراه جاداً طوال الوقت على الشاشة، فإذا جلست معه لاتكف عن الضحك، من خفة دمه الرائعة ! .
ولقد كان والدي في بداياتي الصحفية يقول عني إنني "صحفي رقاصات"..رغم إنني طوال عملي الصحفي لم أقم بإجراء أي حوار مع راقصة واحدة !..لكنه كان يراني أعود دائماً إلى منزل الأسرة مع تباشير الصباح، بسبب السهر في متابعة المسرحيات التي لاتنتهي إلا قبيل الفجر..لذا كان يظن إنني أتابع أخبار الراقصات وأسهر في الملاهي الليلية معهن !..وبمرور الوقت أدركت أسرتي طبيعة عملي، بعد أن بدأت حواراتي مع أهل الفن تُنشر في الصحف والمجلات ! .
**
والحق أنني دخلت عالم الصحافة من "الباب الخلفي" لا من الباب الرئيسي..ففي الثانوية العامة لم أحصل على مجموع كلية الإعلام التي كنت أتطلع إليها، فاضطررت إلى دراسة العلوم الإدارية والحاسب الآلي بأكاديمية السادات..وكان أولياء الأمور يتهافتون على إلحاق أبنائهم بهذه الأكاديمية، التي كانت – في بداية التسعينات – الجامعة الخاصة الوحيدة في مصر بعد الجامعة الأمريكية، ولم تكن هوجة الجامعات الخاصة على كل شكل ولون قد بدأت بعد !..كما أن قسم الحاسب الآلى لم يكن وقتها قد وصل إلى الجامعات الحكومية !.
ولم يكن المجموع وحده كافياً للالتحاق بالأكاديمية، وإنما يجب أن يكون أحد والدي الطالب-على الأقل- حاصلاً على شهادة عليا، ولما كان والدي مهندساً
فقد قبلوا بي..وكان من زملائي أبناء وزراء وسفراء وفنانين وغيرهم من نخبة المجتمع...وكل من حولي يغبطونني على الالتحاق بتلك الأكاديمية المرموقة..
لكن عقلي وقلبي كانا هناك..في كلية الإعلام !! .
وكنت أثناء دراستي الجامعية أمارس الصحافة هاوياً، ولأول مرة في تلك الأكاديمية رأى الطلاب مجلة حائطية شاملة، أحررها كاملة، وأنشر فيها لقاءاتي مع نجوم المجتمع، وكان من أبرز من التقيتهم في تلك الفترة : المخرج الرياضي "إبراهيم لطيف" ابن المعلق الرياضي الأشهر "محمد لطيف"، وكان "خالد لطيف" – ممثل الجيل الثالث لهذه العائلة الرياضية - زميلي في الدفعة، وهو الآن معلق رياضي أيضاً !..وكذلك التقيت الصحفي المعروف "محمد عبد القدوس" ابن الكاتب العبقري "إحسان عبد القدوس"، والشاعر "مجدي نجيب" مؤلف أغنية "كامل الأوصاف" الرائعة للعندليب الأسمر "عبد الحليم حافظ" .
وبعد ذلك اتجهت إلى كتابة المقالات ونشرها على حوائط الأكاديمية، وكنت أول من يفعل ذلك في كل الجامعات المصرية ! .. وأذكر إنني في عام (1992) وبعد وقوع الزلزال في مصر، كتبت مقالاً كوميدياً بعنوان "إوعى الزلزال" وحقق صدىً واسعاً بين الطلاب !..كما كنت طوال سنوات الدراسة الأربع، مُقرر اللجنة الثقافية باتحاد الطلبة..وأقود زملائي في المسابقات الثقافية أمام الجامعات الأخرى ! .
**
وبعد الجامعة انطلقت – من الباب الخلفي ! – ورحت أتنقل من جريدة إلى مجلة إلى جريدة أخرى، بعضها جرائد ومجلات مصرية وبعضها عربية، وفي كل منها لم أقدم سوى الحوارات والتحقيقات الفنية، فهذا عالمي الذي أحبه وأعمل فيه بإخلاص .
وكان اهتمامي بالأوبرا والموسيقى الكلاسيكية هو مدخلي إلى أول جريدة عملت بها، فبعد تخرجي رحت أفحص كل الجرائد والمجلات المصرية، ورأيت إنني لاأستطيع أن أقتحم في تلك المرحلة جريدة أو مجلة كبرى، فلتكن البداية إذن في جريدة أو مجلة صغيرة، لذلك انتقيت جريدة مغمورة اسمها "عيون"، ووجدت إنها لاتنشر شيئاً عن أنشطة دار الأوبرا المصرية، فذهبت إلى رئيس تحريرها واتفقت معه على إمداد الجريدة بأخبار الأوبرا ولقاءات مع فنانيها، والتقيت وقتها برئيس دار الأوبرا الدكتور "عبد المنعم كامل"، والسوبرانو الشهيرة "نيفين علوبة"، والمايسترو "سليم سحاب"، وعازف البيانو العالمي "رمزي يسى"، وغيرهم من نجوم هذا الفن الراقي .
ومنذ أول حوار احتفى رئيس التحرير بي وشجعني على إجراء حوارات فنية متنوعة، فانطلقت أجري حوارات أخرى مع بعض المطربين والفنانين، منهم : فاطمة عيد، أحمد مرعي، محيي إسماعيل، أبو بكر عزت، أحمد ماهر، ماجدة الخطيب، ومحمد ثروت وغيرهم.. وأذكر إنني وضعت عنواناً لحواري مع "فاطمة عيد" هو : " فاطمة عيد..صوت الساقية والشادوف" !..فهذه مطربة شعبية شهيرة تغني للفلاحين، لذلك اخترت عنواناً يحمل بعض مفردات الحياة الريفية المصرية .
ثم جاء التحاقي بالخدمة العسكرية ليقطع علاقتي بتلك الجريدة، لكنني بعدها مباشرة بدأت العمل في مجلة فنية شهيرة هي "السينما والناس"، وواصلت من خلالها مطارداتي لأهل الفن، وأجريت في تلك الفترة لقاءات عديدة مع بعض النجوم، أذكر منهم : فريد شوقي، عبد المنعم مدبولي، سمير غانم، دلال عبد العزيز، إلهام شاهين، فردوس عبد الحميد ،يونس شلبي، وفاء عامر، جيهان نصر، إيمان الطوخي، أحمد عبد العزيز، ياسر جلال، فادية عبد الغني، والمخرج الكبير عاطف سالم .
(تابعوني في الجزء الثاني بإذن الله )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زهور المبدعين (1)

(تعليقات السادة المُبدعين..على أعمال حسام الدين) حسام الدين فكري   مُنذ نحو عام، بدأتُ في نشر عدد من القصص القصيرة والقصائد النثرية، في بعض الصفحات الأدبية المتخصصة على الفيسبوك . وكلما نشرت شيئاً منها، كلما تلقيت طائفة من تعليقات السادة المبدعين الأفاضل (الأدباء والشعراء)، من سكان هذه الصفحات الأدبية..ومنها تعليقات غاية في الروعة والجمال، تفيض إطراءاً وثناءاً بلغة أدبية راقية، لم أستطع مقاومة فكرة نسخها والاحتفاظ بها . وأود هنا أن أشرككم معي في تنسم عبير هذه التعليقات ذات الأريج العطر . وسوف تلاحظون أن بعض الأسماء تتكرر أحياناً، وذلك نظراً لتكرار نشر العديد من أعمالي من خلال الصفحات الأدبية ذاتها . والآن إلى هذه المجموعة الأولى من (زهور) السادة المبدعين..وسوف أوالي نشر كل مايستجد منها بإذن الله .        تعليقات على قصيدة (شجرة الإنسان) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     الله الله روعة واكثر يسلم همسك ونبض قلبك ودام حرفك Nagwa Mohamed في (مجلة همس الروح)     بوركت وبورك قلمك ال...

"ابن المحظوظة" الذي خطف تأشيرة الخروج !

حسام الدين فكري... استمتعت للغاية – مثل ملايين المصريين – بمشاهدة هذا الفيلم العربي القديم الذي عرضته علينا قنوات الأخبار بعنوان "اختطاف الطائرة المصرية"..رغم أن لدي ملاحظات عديدة على السيناريو والديكور والإضاءة وزوايا التصوير!..والأهم من هذا كله أن "الحبكة الدرامية" لم تدخل دماغي أساساً..ولا أظنها دخلت دماغ أي عيل في مصر..فلو أردت أن تلعبها صح مع جيل اللابتوب والآي باد، كان عليك أن تستعين بفريق متخصص في "الأنيميشن"..إنما أن تقدم فيلم جرافيك بهذه الطريقة الرديئة جداً..فبصراحة بقى : مايصحش كده !! . ويقولك إيه : أصل الخاطف كان عايز يقابل طليقته في قبرص !..يعني من قبيل اللمسة العاطفية..وواحد آخر يقول : ده مخطط لضرب السياحة في مصر !..يعني من قبيل النظرة المؤامرتية !..وواحد ثالث قال : من الآخر هو كان هدفه "يهج" من مصر !..وهذا هو الوحيد الذي أصاب كبد الحقيقة ! . وبالطبع لم أندهش ثانية واحدة عندما وجدت مواقع التواصل الإجتماعي تنفجر بآلاف التعليقات التي تغبط ركاب الطائرة على اختطافهم ووصولهم إلى قبرص..يعني النجاة من الحياة في مصر !..ولم أ...

ليل مُعبقّ برائحة الفناء

قصة : حسام الدين فكري قريتنا لا تشبه غيرها من القرى، فالليل فيها له أنياب تسيل منها الحياة، والتوجّس يأكل عظام كل من يسير ليلاً بعد أذان العشاء..خمس ليالٍ متوالية شق فيها قلب السكون صياح النادبات، كل الذاهبين اختطفهم الموت في قلب الليل، لاشيء يربط بينهم إلا التجول تحت أستار الظلام، الموت يترصد في كل زوايا القرية، لم يفلت منه أحد، حتى الذين ساروا معاً في مجموعات، فوجئوا بسقوط أحدهم صريعا من بينهم..يأتي طبيب القرية مهرولاً ثم يجده قد فارق الحياة، فيشخص حالته "هبوط حاد مفاجئ في الدورة الدموية"، نسأله عن السبب فيقول إنها إرادة الله "عمره كده"، ونعم بالله، لكننا لم نفهم شيئاً..فمنهم من كان شابا يافعا في الثلاثين من عمره بالكاد، كانت الصحة تنضح على وجهه وجسده الرياضي، لا يدخن ولايشرب الخمر، فما الذي يجعل شابا كهذا يسقط فجاة بلا حراك؟..يحاول الطبيب أن يبل ريقنا بشيء، فيقول لنا :"ربما تعرّض لإنفعال مفاجيء"، نعود لنسأل صديقه الوحيد الذي كان يرافقه، فيؤكد لنا أنهما كانا يتسامران ويضحكان، لم يغضبه شيء ولم ينفعل لشيء، كانت كلماته الأخيرة مفعمة بحب الحياة، تحدث عن خط...