حسام الدين فكري...
اكتشفت منذ فترة وجيزة أن ثمة علاقة وطيدة بين الطعام والاستمتاع بالحياة، وكنت من قبل أشعر بذلك، لكنني لم ألمس الحقيقة بشكل كامل إلا عندما تأملت عدة نماذج من البشر، فوجدت بعضهم يأكل قليلاً، بل لا يكاد يعير الطعام اهتماماً..فإذا به في صحة وعافية طوال الوقت، لا يشكو من شيء، وأراه يسير في الشارع مشية عسكرية ثابتة رغم تقدمه في السن، وقد اعتدلت قامته وارتفع رأسه، فإن وجد سلماً راح يقفز الدرجات في نشاط ملحوظ !..بينما آخرون وضعوا كل اهتمامهم في الطعام، فأقبلوا عليه إقبال الأسود الكواسر، فلا تفلت وليمة من تحت أيديهم ولا يرفضون نداء المعدة أبداً.. وكانت النتيجة الطبيعة أن انتفخت كروشهم، حتى يكادون يصافحون بها الناس !..وثقلت حركتهم ودب الكسل في أوصالهم..فلو طلبت من أحدهم أن يصعد معك دورين فقط في أي عمارة، لوجدت معالم الذعر ترتسم على وجهه، كأنك تطلب منه المشاركة في معركة حربية !..ومهما حاولت إقناعه فسوف يظل ينتظر "المصعد" وإلا فلن يصعد أساساً !! .
ولقد انتبهت إلى أن كل العظماء في التاريخ لم يكونوا من الذين يملأون بطونهم بالطعام..فأشرف الخلق رسولنا الكريم لم يُعرف عنه قط اقبالاً على الطعام، وكثيراُ ما كانت تمر عليه أيام بطولها، لا يدخل جوفه الشريف فيها إلا التمر والماء، لذا كان – عليه أفضل الصلاة والسلام – يتمتع بقوام متناسق ولم يحدث أن شكا أبداً من أي مرض من تلك الأمراض التي يسببها الإفراط في الطعام..ومن بعده كان الصحابة كلهم كذلك، وكان عمر بن الخطاب نموذجاً صادقاً على ذلك..ولعل من أبرز الأمثلة في العصر الحديث "غاندي"..الذي كان يبدو كخيال المآتة من فرط عزوفه عن الطعام ! .
أما الشرهين – الذين يقفون على الجانب الآخر من المائدة ! – أو في الحقيقة يحتلون كل مقاعد المائدة !، فهؤلاء يتحول الواحد منهم إلى بقرة تسير في الشارع، فلا تستقيم له قامة ، ولا يرتفع له رأس، ولا يشبع مهما أكل، كأن بطنه مثقوبة يتسرب منها الطعام !! .
والأهم من هذا أنه لن يستطيع أن يستمتع بحياته، فكل الأنشطة التي تحتاج إلى لياقة لن يكون له نصيب فيها، بل هو نفسه سوف يهرب منها لأنه يعي عدم قدرته عليها !..فسوف يجري ويلعب من حوله ويقفزون الحبل ويتسلقون الجبال..وسوف ينقسمون إلى فريقين في صيادين السمك وكرة القدم وغيرها..بينما هو هناك، يقف وحيداً منبوذاً..يتفرج من بعيد..فليس منهم ولن يكون..فليهنأ إذاً ببطنه المملوءة التي حرمته من الاستمتاع بمباهج الحياة ! .
ثم أن شخصاً كهذا لا ينتظر العالم منه أبداً أن يتمتع بأي موهبة، فالطعام الكثير لن يترك مساحة في عقله لأي أفكار ذات قيمة..وسوف يقول البعض أن عدداً من العلماء والمفكرين كانوا من أصحاب الوزن الثقيل..نعم..عندك حق..لكنها حالات نادرة لا يقاس عليها..فانظر إلى المجموع العام من الموهوبين وأنت تدرك القاعدة العامة..فالكروش قد تجلس على العروش..لكنها لا تنتج علماً أو أدباً أو فكراً..ولو دفعت في سبيل ذلك..تلال الفضة والذهب !! .
اكتشفت منذ فترة وجيزة أن ثمة علاقة وطيدة بين الطعام والاستمتاع بالحياة، وكنت من قبل أشعر بذلك، لكنني لم ألمس الحقيقة بشكل كامل إلا عندما تأملت عدة نماذج من البشر، فوجدت بعضهم يأكل قليلاً، بل لا يكاد يعير الطعام اهتماماً..فإذا به في صحة وعافية طوال الوقت، لا يشكو من شيء، وأراه يسير في الشارع مشية عسكرية ثابتة رغم تقدمه في السن، وقد اعتدلت قامته وارتفع رأسه، فإن وجد سلماً راح يقفز الدرجات في نشاط ملحوظ !..بينما آخرون وضعوا كل اهتمامهم في الطعام، فأقبلوا عليه إقبال الأسود الكواسر، فلا تفلت وليمة من تحت أيديهم ولا يرفضون نداء المعدة أبداً.. وكانت النتيجة الطبيعة أن انتفخت كروشهم، حتى يكادون يصافحون بها الناس !..وثقلت حركتهم ودب الكسل في أوصالهم..فلو طلبت من أحدهم أن يصعد معك دورين فقط في أي عمارة، لوجدت معالم الذعر ترتسم على وجهه، كأنك تطلب منه المشاركة في معركة حربية !..ومهما حاولت إقناعه فسوف يظل ينتظر "المصعد" وإلا فلن يصعد أساساً !! .
ولقد انتبهت إلى أن كل العظماء في التاريخ لم يكونوا من الذين يملأون بطونهم بالطعام..فأشرف الخلق رسولنا الكريم لم يُعرف عنه قط اقبالاً على الطعام، وكثيراُ ما كانت تمر عليه أيام بطولها، لا يدخل جوفه الشريف فيها إلا التمر والماء، لذا كان – عليه أفضل الصلاة والسلام – يتمتع بقوام متناسق ولم يحدث أن شكا أبداً من أي مرض من تلك الأمراض التي يسببها الإفراط في الطعام..ومن بعده كان الصحابة كلهم كذلك، وكان عمر بن الخطاب نموذجاً صادقاً على ذلك..ولعل من أبرز الأمثلة في العصر الحديث "غاندي"..الذي كان يبدو كخيال المآتة من فرط عزوفه عن الطعام ! .
أما الشرهين – الذين يقفون على الجانب الآخر من المائدة ! – أو في الحقيقة يحتلون كل مقاعد المائدة !، فهؤلاء يتحول الواحد منهم إلى بقرة تسير في الشارع، فلا تستقيم له قامة ، ولا يرتفع له رأس، ولا يشبع مهما أكل، كأن بطنه مثقوبة يتسرب منها الطعام !! .
والأهم من هذا أنه لن يستطيع أن يستمتع بحياته، فكل الأنشطة التي تحتاج إلى لياقة لن يكون له نصيب فيها، بل هو نفسه سوف يهرب منها لأنه يعي عدم قدرته عليها !..فسوف يجري ويلعب من حوله ويقفزون الحبل ويتسلقون الجبال..وسوف ينقسمون إلى فريقين في صيادين السمك وكرة القدم وغيرها..بينما هو هناك، يقف وحيداً منبوذاً..يتفرج من بعيد..فليس منهم ولن يكون..فليهنأ إذاً ببطنه المملوءة التي حرمته من الاستمتاع بمباهج الحياة ! .
ثم أن شخصاً كهذا لا ينتظر العالم منه أبداً أن يتمتع بأي موهبة، فالطعام الكثير لن يترك مساحة في عقله لأي أفكار ذات قيمة..وسوف يقول البعض أن عدداً من العلماء والمفكرين كانوا من أصحاب الوزن الثقيل..نعم..عندك حق..لكنها حالات نادرة لا يقاس عليها..فانظر إلى المجموع العام من الموهوبين وأنت تدرك القاعدة العامة..فالكروش قد تجلس على العروش..لكنها لا تنتج علماً أو أدباً أو فكراً..ولو دفعت في سبيل ذلك..تلال الفضة والذهب !! .
تعليقات
إرسال تعليق