التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أرواح بيضاء





قصة : حسام الدين فكري...
يختبئون خلف ألواح الموت، فراراً من الحياة ! ..
يُسدلون على أجسادهم هالات الزُهد الشفافة ..
يغسلون أفئدتهم بقطرات الندى النقية ..
أعينهم الغائرة تخترق حُجُب الغيب ..
آذانهم تُنصت لتسبيح الكائنات الدقيقة ..
أرواحهم البيضاء لا تخالطها ضغينة ..
أعناقهم تسمو فوق هفوات الحالمين..
لكن الدنيا قديمة وعنيدة ..
تركض وراءهم ركض الممسوس ..
لا تعرف معنى "الرايات البيضاء" ..
ليس في قاموسها هذه الكلمات ..
تنظر إليهم تارة بعين حاقدة ..
وتارة بعين مُشفقة ..
تراهم رهطاً من الحمقى ..
يملأ عقولهم روث الغنم ..
وأساطير المأفونين ..
وفلسفات التحرر البعيد ..
" هل تريدون أن تلعبوا، فلنلعب على طريقتي " ! ..
ضحكتها الساخرة تحرق هامات السحاب ..
"سوف أُطَوِّقكم بخيوطي الحريرية الصماء " ..
تُدرك تماماً قوتها اللامتناهية ..
"سوف أُذيقكم الشهد، في كؤوس الشقاء " ..
تُصيب أهدافها دائماً بدقة بالغة ..
" أنتم غارقون – لامحالة – في أمطاري الصفراء " ..
لاشيء يكبح خطواتها المحددة ..
هي فقط تملك كل الحقوق ..
تُحرك نوازع البشر عكس اتجاه الزمن ..
تأكل أكباد ضحاياها وهم أحياء ..
تسحق قلوبهم في الوحل ..
تُحركهم كالدُمى الخرساء ..
لا تُعير انتباهاً لصرخات الاستجداء ..
التي تشق جماجمهم الهشة ..
وكل الذين استسلموا..لم يَسلموا !..
غاصوا حتى الأذقان في السراب..
لكن..هؤلاء ليسوا كالجميع ..
إنهم لايرونها أساساً ! ..
ألقوها – منذ زمن – وراء ظهورهم ..
لا يشعرون بدبيبها في أوصالهم ..
لا يلمسون إلا وقع أرواحهم الصافية ..
لا يسمعون أنَّات الذائبين هوى ..
لا يعرفون روائح عرق اللاهثين ..
لا يعلمون وقائع العالم المحموم ..
فلا شيء يصل إليهم هناك ..
في أبعد ركن من الكون !! .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زهور المبدعين (1)

(تعليقات السادة المُبدعين..على أعمال حسام الدين) حسام الدين فكري   مُنذ نحو عام، بدأتُ في نشر عدد من القصص القصيرة والقصائد النثرية، في بعض الصفحات الأدبية المتخصصة على الفيسبوك . وكلما نشرت شيئاً منها، كلما تلقيت طائفة من تعليقات السادة المبدعين الأفاضل (الأدباء والشعراء)، من سكان هذه الصفحات الأدبية..ومنها تعليقات غاية في الروعة والجمال، تفيض إطراءاً وثناءاً بلغة أدبية راقية، لم أستطع مقاومة فكرة نسخها والاحتفاظ بها . وأود هنا أن أشرككم معي في تنسم عبير هذه التعليقات ذات الأريج العطر . وسوف تلاحظون أن بعض الأسماء تتكرر أحياناً، وذلك نظراً لتكرار نشر العديد من أعمالي من خلال الصفحات الأدبية ذاتها . والآن إلى هذه المجموعة الأولى من (زهور) السادة المبدعين..وسوف أوالي نشر كل مايستجد منها بإذن الله .        تعليقات على قصيدة (شجرة الإنسان) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     الله الله روعة واكثر يسلم همسك ونبض قلبك ودام حرفك Nagwa Mohamed في (مجلة همس الروح)     بوركت وبورك قلمك ال...

"ابن المحظوظة" الذي خطف تأشيرة الخروج !

حسام الدين فكري... استمتعت للغاية – مثل ملايين المصريين – بمشاهدة هذا الفيلم العربي القديم الذي عرضته علينا قنوات الأخبار بعنوان "اختطاف الطائرة المصرية"..رغم أن لدي ملاحظات عديدة على السيناريو والديكور والإضاءة وزوايا التصوير!..والأهم من هذا كله أن "الحبكة الدرامية" لم تدخل دماغي أساساً..ولا أظنها دخلت دماغ أي عيل في مصر..فلو أردت أن تلعبها صح مع جيل اللابتوب والآي باد، كان عليك أن تستعين بفريق متخصص في "الأنيميشن"..إنما أن تقدم فيلم جرافيك بهذه الطريقة الرديئة جداً..فبصراحة بقى : مايصحش كده !! . ويقولك إيه : أصل الخاطف كان عايز يقابل طليقته في قبرص !..يعني من قبيل اللمسة العاطفية..وواحد آخر يقول : ده مخطط لضرب السياحة في مصر !..يعني من قبيل النظرة المؤامرتية !..وواحد ثالث قال : من الآخر هو كان هدفه "يهج" من مصر !..وهذا هو الوحيد الذي أصاب كبد الحقيقة ! . وبالطبع لم أندهش ثانية واحدة عندما وجدت مواقع التواصل الإجتماعي تنفجر بآلاف التعليقات التي تغبط ركاب الطائرة على اختطافهم ووصولهم إلى قبرص..يعني النجاة من الحياة في مصر !..ولم أ...

ليل مُعبقّ برائحة الفناء

قصة : حسام الدين فكري قريتنا لا تشبه غيرها من القرى، فالليل فيها له أنياب تسيل منها الحياة، والتوجّس يأكل عظام كل من يسير ليلاً بعد أذان العشاء..خمس ليالٍ متوالية شق فيها قلب السكون صياح النادبات، كل الذاهبين اختطفهم الموت في قلب الليل، لاشيء يربط بينهم إلا التجول تحت أستار الظلام، الموت يترصد في كل زوايا القرية، لم يفلت منه أحد، حتى الذين ساروا معاً في مجموعات، فوجئوا بسقوط أحدهم صريعا من بينهم..يأتي طبيب القرية مهرولاً ثم يجده قد فارق الحياة، فيشخص حالته "هبوط حاد مفاجئ في الدورة الدموية"، نسأله عن السبب فيقول إنها إرادة الله "عمره كده"، ونعم بالله، لكننا لم نفهم شيئاً..فمنهم من كان شابا يافعا في الثلاثين من عمره بالكاد، كانت الصحة تنضح على وجهه وجسده الرياضي، لا يدخن ولايشرب الخمر، فما الذي يجعل شابا كهذا يسقط فجاة بلا حراك؟..يحاول الطبيب أن يبل ريقنا بشيء، فيقول لنا :"ربما تعرّض لإنفعال مفاجيء"، نعود لنسأل صديقه الوحيد الذي كان يرافقه، فيؤكد لنا أنهما كانا يتسامران ويضحكان، لم يغضبه شيء ولم ينفعل لشيء، كانت كلماته الأخيرة مفعمة بحب الحياة، تحدث عن خط...